مـــــــــــــــوحــــــــــــــا - قصة قصيرة
أشرقت شمس يوم جديد، كانت أشعتها محرقة منذ بزوغ ضيائها، وسطعت على قصور رسم
الدهر تجاعيد على ملامحها، فأصبح يلاحقها الهرم و يهددها الفناء يحيلك النظر إليها
على أن جدورها غاصت في أعماق التاريخ.
سطعت أشعتها على قرية أنهكها ظلام الليل المستبد الذي أسدل أجنحته عليها منذ زمن بعيد و أبى أن يندثر أو يتأثر من أنين أهلها تحت و طئ التهميش و الفقر و الحرمان ....، سطعت أشعتها على قرية حكم عليها القدر أن تعيش خارج التاريخ، قرية أنهكها الانتظار و كوتها حرقة الموت و الاحتضار
سطعت أشعتها على قرية أنهكها ظلام الليل المستبد الذي أسدل أجنحته عليها منذ زمن بعيد و أبى أن يندثر أو يتأثر من أنين أهلها تحت و طئ التهميش و الفقر و الحرمان ....، سطعت أشعتها على قرية حكم عليها القدر أن تعيش خارج التاريخ، قرية أنهكها الانتظار و كوتها حرقة الموت و الاحتضار
أشرقت الشمس من جديد لتدخل القليل من
الأمل في قلوب تعبت من ظلام الليل الطويل رغم يقينها أن ظلومات النهار أكثر من
ظلومات الليل لكنها تؤمن دائها أن الغد سيكون أفضل، إلا "موحا" الذي فقد
ذالك البصيص من الأمل و يقن أن النور لن يبزغ يوما، لأنه عاش ما سلف من عمره كله
أمل أن غده سيكون أفضل لكن الأسف لا شيء من ذالك تحقق، موحا؛ ابن الجنوب الشرقي
الشاب المثقف الذي قضى عمره في الدراسة و طلب العلم و تحصيل المعارف موحا الذي كان
يظن أن وظيفة محترمة و راتب شهري ينتظرانه و لا يلزمه سوى الحصول على شهادة عليا
في إحدى الشٌّّّعب لكن هيهات هيهات... مجرد طموحات تصدى لها شبح الواقع البئيس.
توالت السنوات و بدأ موحا يكتشف شيئا فشيئا أن ابن الوزير يصبح وزير و ابن الفلاح
يبقى فلاح. تقلصت طموحات موحا و اقتصرت على الأمل في زيارة إحدى المدن المغربية
الكبرى التي لم تتشرف عيناه أن تراها إلا ناذرا على شاشة التلفاز، مما يجعله يحس
أن الجنسية المغربية كتبت على بطاقة تعريفه ظلما عدوانا ما دام لم يتجاوز جولانه
جبال تودغى، مادام وطنه بنعت بالمغرب الأخر، الهامش، المغرب غير النافع...
مرت سنين قضاها موحى في الطريق بين البيت و المدرسة الذي كان يقدر بمسيرة يوم كامل و زيادة، طرق وعرة أصبح بفضلها محترف في تسلق الجبال دون أدوت و لا معدات، لكن الجميل في تلك الفترة أن قلبه لا يزال يبض أملا بأن الفرج قادم لا محال، بلغ موحا سن الثامنة عشر حينها حصل شهادة البكلوريا ظن أنه أخيرا تخلص من المعانات تخلص أخيرا من صدى الجبل الذي لم سبب له سوى الصداع وسيستمتع ببريق المدينة و أضوائها و صخبها، لكن الواقع من جديد يخبأ شيئا أخر معاكس تماما لتصورات موحا. الوجهة مدينة مكناس ليكتشف فيها موحا أن خوض غمار الحياة الطلابية ليس بالأمر الهين مع ضآلة موارده المالية، أصبح يصارع من أجل الاستمرار، عاش سنوات الدراسة الجامعية الثلاثة في التقشف فعمل في و رشات البناء في المطاعم ... من أجل تأمين قوت يومه و شراء مستلزمات دراسته التي شكل ثمنها الباهض ثقلا على كاهله وسببت له عبأ في التحصيل، إلا أنه كان مكافحا و لم تستطع كل تلك العراقيل التي واجهها إيقافه أن لا يكمل طريقه صوب هدفه المنشود، سنوات من معانات أخرى توجت أخيرا بحصوله على إجازة في شعبة القانون الخاص ليصطدم موحا بشبح البطالة بعد أن طرق كل الأبواب طلبا لعمل و أغلقت في وجهه، يقن أن لا أمل في الحصول على الوظيفة التي أضاع سنين من عمره ساعيا إليها، ليعود إلى قريته ليعلن الحداد على سنوات من عمره ذهبت أدراج الرياح.
بقلم : أوبادي امحمد
مؤثر جدا
ردحذف